كيف تسهم المشاركة المجتمعية في تحويل الأفراد إلى قادة تغيير؟ تعرّف على المفهوم وأهميته وأمثلة من واقع مؤسسة منار.

في عالمٍ ينفتح فيه الجميع على مصادر المعلومات والخبرات، لم يعد مقبولًا أن تُملى الآراء والأفعال. المعظم يبحث اليوم عن المشاركة المجتمعية، خاصة الشباب. وبدلاً من الصراع مع الأجيال والطبقات في المجتمعات، تبرز المشاركة الاجتماعية كمخرج مميز للمشاكل والتحديات، وتجعل لكل فرد ومؤسسة دورًا في تنمية المجتمع.
والمشاركة المجتمعية لابد أن تكون صادقة وفعالة، تبرز أولًا من الإيمان بهذه المشاركة ودورها، ثم يتم تنظيمها وتوجيهها كي تحقق أهدافها.
في هذا المقال، نستعرض مفهوم المشاركة المجتمعية وأبعادها، ونبيّن كيف يمكن ترجمتها عمليًا من منظور مؤسسات تنموية كـ مؤسسة منار للمشاركة المجتمعية.
يمكن تعريف المشاركة المجتمعية على أنها، عملية تعاونية ومنهجية تتيح لأفراد المجتمع وجماعاته الإسهام بفعالية في الأنشطة والقرارات التي تؤثر على حياتهم ومجتمعاتهم.
ومن وجهة نظر مؤسسة منار، يعبّر مفهوم المشاركة المجتمعية عن عملية تفاعل وإسهام الأفراد والفرق في الأنشطة والقرارات التي تؤثر في مجتمعاتهم، بهدف تحقيق تحسينات ملموسة، وبناء مجتمعات أكثر تماسكًا وفعالية.
والمشاركة الاجتماعية، هي مجموعة من الطرق التي تتبعها مؤسسات المجتمع المدني، للإسهام في الربط بين أفراد المجتمع، لتحقيق هدف أو توفير احتياج أو حل مشكلة تهم المجتمع المحلي.
أي أن المشاركة المجتمعية تشمل الأفراد والجماعات والمنظمات، وترتبط بعوامل جغرافية أو هوية أو اهتمامات معينة، وتكون قادرة على التأثير في السياسات والبرامج لضمان تحقيق نتائج إيجابية ومستدامة.
من هنا، نستنتج أن مفهوم المشاركة المجتمعية يضم نقاط أساسية عدة أبرزها:
ومن منظور مؤسسة منار للمشاركة المجتمعية، نعتقد أن هذه المشاركة هي آلية استراتيجية: فهي تُمكِّن من إشراك الشباب، والفرق المجتمعية، والمؤسسات، في برامج ومنصّات تفاعلية، تستهدف ليس فقط حضورهم، بل قيادة المبادرات والمساهمة في صياغة الأثر.
رغم أن مفهوميْ المشاركة المجتمعية والمشاركة الاجتماعية متشابهان إلى حدٍ كبير، تعد المشاركة الاجتماعية القاعدة أو البيئة التي تُفضي إلى المشاركة المجتمعية.
على سبيل المثال، تشير المشاركة الاجتماعية إلى تطوّع الشباب في حملة بيئية تخدم مجتمعهم، بينما تتعمق المشاركة المجتمعية وتشير إلى انخراط هؤلاء الشباب المتطوعين في تصميم وتنفيذ السياسات التي تحد من تلك المشكلة البيئية في المجتمع.
وتشمل المشاركة الاجتماعية، الانخراط في فرق أو نشاطات جماعية، أو التطوّع، أو المشاركة في الحياة المدنية أو الثقافية أو البيئية. كما تشمل المشاركة في النقاشات المجتمعية، أو في مواقع صنع القرار، أو في مبادرات مدنية.
وبذلك، تكون المشاركة الاجتماعية مرحلة تمهيدية للمشاركة المجتمعية التي ترتقي نحو القيادة والتأثير.
الخدمة الاجتماعية هي مهنة إنسانية، تقوم على أسس علمية ومهارات عملية، بهدف مساعدة الأفراد والجماعات والمجتمعات على مواجهة التحديات، وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والنفسية والاقتصادية.
وفي مجال الخدمة الاجتماعية والعمل الاجتماعي، يُعدّ مبدأ المشاركة أحد المبادئ الجوهرية الذي يعتبر الأفراد والمجتمعات شركاء في العملية، وليسوا مجرّد مستفيدين. وينص الدليل الأخلاقي للاتحاد الدولي للعمل الاجتماعي على أن على الممارِسين في الخدمة الاجتماعية «تعزيز المشاركة الكاملة للأشخاص في كل ما يؤثر على حياتهم».
من خلال شرح مفاهيم المشاركة المجتمعية، والمشاركة الاجتماعية، وفهم دلالتها وأبعادها، يمكن استخلاص أهمية المشاركة المجتمعية الشبابية للشباب أنفسهم ولمجتمعاتهم.
المجتمع هو المستفيد الأول والأخير من المشاركة المجتمعية. فنحن نتحدث عن مشاركة الأفراد -خاصة الشباب- ومشاركة مؤسسات المجتمع المدني، وأية جماعات أخرى داخل المجتمع. هذا يعني أن الجميع يتحمل المسئولية، ويشعر بالانتماء، وينفذ الأنشطة والمبادرات التي تحقق أهداف المجتمع.
باختصار، المجتمع الذي تنشط فيه المشاركة المجتمعية، يسير بخطى أسرع نحو التنمية المستدامة، والحلول المبتكرة.
تتعدد طرق وأشكال المشاركة المجتمعية، حسب موارد ومتطلبات كل مجتمع، وطبيعة وثقافة أفراده ومؤسساته. من الأمثلة العملية على المشاركة المجتمعية:
ففي مؤسسة منار للمشاركة المجتمعية، استجبنا للزلزال المدمر في تركيا وسوريا، وسارعنا إلى تفعيل 50 فريقًا تطوعيًا للمساعدة في المناطق المتضررة. تلا ذلك إطلاق تحد الحلول المجتمعية لمواجهة الكوارث والأزمات.
يمكن تعميم هذه الفكرة، من خلال تشكيل فرق تطوعية تستجيب لأي ظرفٍ آخر، مثل دعم ذوي الإعاقة، أو دعم مسيرة التعليم خلال الحروب، أو الاستجابة للتحديات البيئية الكثيرة.
عندما أغلقت جائحة -كوفيد 19- العالم، واجهت مؤسسة منار للمشاركة المجتمعية تحدي التحول نحو العمل الرقمي. وأطلقت برامج وطورت نماذج عمل مرنة، تتيح استمرارية العمل رغم القيود.
يمكن لأي مجتمع في أي وقت، تعزيز المشاركة المجتمعية من خلال الانفتاح على أفكار ومبادرات تقدم حلولًا مبتكرة.
وهي طريقة تلائم الشباب تمامًا، وبات واضحًا مدى تأثيرها. على سبيل المثال، يخطط وينفذ الشباب حملات رقمية ذات أهداف واضحة للدعوة للمشاركة في الانتخابات، أو للتوعية بحقوق فئة مهمّشة، أو للضغط على صناع القرار في قضية معينة.
في عالمنا الرقمي اليوم، هناك الكثير من المنصات الرقمية التي تتيح المشاركة المجتمعية، وتجمع الأفراد مع مؤسسات المجتمع المدني بشكل فاعل ومبتكر. على سبيل المثال، تُعنى منصة "بدار" التابعة لمؤسسة منار باستقطاب الأفكار والمشاريع المجتمعية الريادية. أما منصة "ساري" فتدعم تطوير العمل التطوعي الذي يخدم المجتمعات المحلية.
الأمثلة السابقة، تثبت أن المشاركة الاجتماعية لابد أن تكون فاعلة وليست مجرد حضور. كما تربط بين التعليم -في مرحلة التدريب والتوجيه- والتطبيق -في مرحلة التنفيذ-.
في مؤسسة منار للمشاركة المجتمعية، نؤمن أن المشاركة المجتمعية هي مفتاح المجتمعات نحو أبواب التنمية المستدامة الواسعة. كما نؤمن أن المشاركة المجتمعية التراكمية، لابد أن تحقق في النهاية نتائج ملموسة في قطاعات محددة على الأقل.
وفي هذا السياق، نحاول تقديم قيمة مضافة لتحقيق المشاركة المجتمعية بما يترتب عليها من فوائد وإيجابيات، عبر إشراك كافة الجهات ذات العلاقة وتنسيق الجهود بينها وتوجيهها، من خلال جسم المؤسسة المركزي والمنصات المنبثقة عنها، والتي تضفي مزيداً من التخصص والتركيز لتحقيق الأهداف المرجوة من مفهوم المشاركة المجتمعية.
تفعيل المشاركة المجتمعية متاح في كل المجتمعات، لكنه ليس سهلًا. فنحن نتحدث عن مشاركة مجتمعية فاعلة ومؤثرة وليست شكلية.
وتكمن التحديات أمام تفعيل المشاركة المجتمعية في:
في ضوء ما سبق، تتجلّى المشاركة المجتمعية ليس كمفهوم نظرِي فحسب، بل كآلية حيّة للتغيير والتمكين والتنمية. من خلال فهم أبعاد مفهوم المشاركة المجتمعية، وتوسيع الرؤية إلى مفهوم المشاركة الاجتماعية، والاعتماد على مبدأ المشاركة في الخدمة الاجتماعية كمبدأ توجيهي، يُمكن للمؤسسات والمجتمعات أن تعيد صياغة أدوارها وتنتقل من دور المتلقي إلى دور القيادي أو المشارك.
ونحن في مؤسسة منار للمشاركة المجتمعية، ندعوك لأن تكون جزءًا من هذا المسار، بالتعلم والاقتراح والمبادرة، كي نتعاون في بناء مجتمعات أكثر تماسكًا، وأكثر قوة، وأكثر قدرة على التغيير.
فالمجتمع الذي تحلم به غدًا، يبدأ بفعلٍ اليوم.
المشاركة المجتمعية هي عملية تفاعل وإسهام الأفراد والفرق في الأنشطة والقرارات التي تؤثر في مجتمعاتهم، بهدف تحقيق تحسينات ملموسة، وبناء مجتمعات أكثر تماسكًا وفعالية.
المشاركة الاجتماعية هي الانخراط في فرق أو نشاطات جماعية، أو التطوّع، أو المشاركة في النقاشات المجتمعية، أو في مواقع صنع القرار. وهي مرحلة تمهيدية للمشاركة المجتمعية التي ترتقي نحو القيادة والتأثير.
يقوم مبدأ المشاركة في الخدمة الاجتماعية على إشراك المستفيدين في تحليل مشكلاتهم وصياغة الحلول وتنفيذها، بما يضمن استدامة الأثر ويُنمّي قدراتهم على التغيير الذاتي.
المشاركة المجتمعية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، لأنها تجمع بين الجهود الرسمية والشعبية لإيجاد حلول مبتكرة وقابلة للتطبيق للمشكلات الاجتماعية.
يمكن للشباب المساهمة من خلال التطوع، والمبادرات المحلية، والمشاريع الاجتماعية، والمشاركة في البرامج التدريبية التي تطور مهاراتهم في القيادة وصنع الأثر.
تضطلع المؤسسات بدور محوري من خلال توفير المنصات والبرامج التي تمكّن الأفراد من المشاركة، وتدعم الشراكات التي تُترجم الأفكار إلى مشاريع ذات أثر ملموس.
نحن نوفر منصات وبرامج تفاعلية تساعدك على تطوير أفكارك وتحويلها إلى مبادرات ذات أثر حقيقي. يمكنك الانضمام إلى مختبرات الابتكار أو البرامج التدريبية أو حملات التطوع لتكون جزءًا من شبكة فاعلة تُسهم في تنمية المجتمع.
اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك أحدث المقالات، والفرص المجتمعية، والبرامج التفاعلية من مؤسسة منار.