كن جزءًا من الحكاية! شاركنا جلسات حكايا أثر، واستلهم من التجارب التي صنعت التغيير في عالمنا العربي.

المشاركة المجتمعية.. من الأهداف إلى الأثر

مقال يوضّح أهداف المشاركة المجتمعية وفوائدها، ودورها في تمكين الأفراد وتحقيق التنمية المستدامة عبر حلول واقعية يقودها المجتمع نفسه.

تصميم بصري يعبّر عن المشاركة المجتمعية وأهداف المشاركة المجتمعية، ويوضح دور الأفراد في التنمية المستدامة وتعزيز الأثر المجتمعي.

لم تعد المشاركة المجتمعية مجرّد حضور رمزي أو استشارة شكلية، بل أصبحت عملية فاعلة تشمل التخطيط والتنفيذ والتقييم للوصول إلى أثرٍ حقيقي ومستدام.

وتُعدّ المشاركة المجتمعية حجر الأساس لبناء مجتمعاتٍ مرنة وشاملة، وأداةً جوهرية لتقليص الفجوات الاجتماعية، وتحقيق العدالة والمساءلة وتعزيز التنمية المستدامة.

يهدف هذا المقال إلى استعراض أهداف المشاركة المجتمعية وأهميتها ودورها المحوري في دعم التنمية، انسجامًا مع رؤية مؤسسة منار في تمكين المجتمعات من قيادة مسارات التغيير وصنع الأثر.

ما هي المشاركة المجتمعية؟

يتمحور مفهوم المشاركة المجتمعية حول أنها مجموعة من العمليات التي تُتيح للمجتمعات المحلية صنع القرارات المتعلقة بالقضايا التي تؤثّر فيها، بهدف تحقيق تحسينات ملموسة، وبناء مجتمعات أكثر تماسكًا وفعالية.

وتتنوّع أشكالها من المشاركة الاستشارية البسيطة إلى التخطيط والتنفيذ المباشر للمبادرات التنموية. ويُعد هذا التنوع دليلاً على نضج الوعي المجتمعي وقدرته على المبادرة وتحمل المسؤولية في مواجهة التحديات المحلية.

ما هي أهداف المشاركة المجتمعية؟

تتنوّع أهداف المشاركة المجتمعية تبعًا لطبيعة المجتمعات، ولكنها جميعها تسعى في جوهرها إلى تمكين الأفراد من الإسهام الفعلي في تنمية بيئتهم وتحسين جودة حياتهم. فعندما يشرك الشباب - والفئات المهمشة خاصة - في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية وقضايا المجتمع ككل، يسهّل ذلك إيجاد حلول حقيقية عملية، ويبني الثقة بينهم وبين المؤسسات ومقدمي الخدمات في المجالات المختلفة. 

ويمكن تقسيم أهداف المشاركة المجتمعية إلى:

أهداف قصيرة المدى: 

تركز  أهداف المشاركة المجتمعية قصيرة المدى على حل المشكلات الفورية وبناء جسور الثقة بين الأفراد، وتشمل:

  • فهم المشكلات بشكل عميق، وتحديد القضايا المحلّة التي تحتاج إلى اهتمام فوري وإعطاء الأولوية لها.
  • رفع كفاءة وجودة الخدمات المحلية المقدمة، وذلك عبر إشراك الأفراد في تحديد الأولويات ومراقبة التنفيذ.
  • زيادة الوعي وبناء الثقة بأهمية مشاركة الأفراد في تطوير مجتمعهم وتنمية قدراتهم على حل المشكلات. 
  • تشجيع أعضاء المجتمع بجميع فئاته على المشاركة في أنشطة ملموسة وفورية مثل التنظيف المحلي، أو حملة التبرع بالدم، أو جهد تطوعي محدد قصير المدى.
  • إدارة الصراعات من خلال الحوار وإيجاد أرضية مشتركة لإدارة أو تخفيف النزاعات المتعلقة بمشاريع محددة. 

أهداف طويلة المدى:

وتركّز أهداف المشاركة المجتمعية طويلة المدى على التمكين وبناء منظومة تنمية مستدامة، وتشمل: 

  • تحقيق التنمية المستدامة من خلال إشراك المجتمع في رسم خطط تنموية متكاملة تراعي البُعد البيئي والاجتماعي والاقتصادي.
  • تمكين المجتمع كي يعبر عن احتياجاته وقضاياه، ويشارك في تحديد الأولويات وصنع القرار.
  • تقليل فجوة السلطة والمجتمع من خلال بناء ثقافة سياسية تعتمد على الديمقراطية والمساءلة والشفافية في الأداء الحكومي والمؤسساتي.
  • تعزيز الشعور بالانتماء وتحقيق الانسجام الاجتماعي على المدى الطويل عبر تقوية الروابط بين مختلف الفئات.
  • إيجاد حلول أكثر نجاحًا واستدامةً بمرور الوقت بفضل دعم المجتمع ومشاركته، وتحسين الوصول للخدمات في المجالات المختلفة. 
  • يهدف إشراك المجتمع إلى رفع قدرات أفراده ومؤسساته المدنية، بحيث تصبح قادرة على إدارة وتنفيذ المشاريع التنموية بشكل مستقل. 

وفي إطار هذه الأهداف، تنفّذ مؤسسة منار برامج تدريبية واستشارية تسهم في بناء المهارات القيادية وتنظيم المبادرات الاجتماعية، بما يعزز استمرارية التنمية ويتيح للمجتمع قيادة التغيير بنفسه.

ما هي أهمية المشاركة المجتمعية؟

  • إيجاد حلول حقيقية أكثر تكيفًا مع الواقع المحلّي، مما يزيد فرص النجاح.
  • الاستدامة والحماية من الانهيار، فالمشاريع التي تُدار أو تُشارك فيها الجماعات محلياً أقل عرضة للانهيار بعد خروج الممولين أو انتهاء الدعم الخارجي.
  • بناء الثقة بين المجتمع والمؤسسات وخلق جسور بين المواطنين والمؤسسات الحكومية أو مقدّمي الخدمات.
  • تعزيز التواصل بين الأفراد والجماعات، وتقوية الشبكات المجتمعية التي يمكن أن تستجيب للتحديات.
  • تعزيز العدالة والشمولية من خلال إشراك مختلف الفئات (بما في ذلك النساء، الأقليات، أصحاب الاحتياجات الخاصة) في معالجة قضايا المجتمع.

وفي رؤية مؤسسة منار، تُعدّ المشاركة المجتمعية أداة تمكّن المجتمع من لعب دور قيادي في تحقيق أهداف التنمية. وعلى ضوء ذلك، تركز منار على تعزيز آليات إشراك المواطنين في التخطيط المحلي وتنمية قدرات الفئات المختلفة (الشباب، المرأة، الفئات المهمشة) لتمكينهم من المساهمة في وضع وتنفيذ الخطط التنموية المحلية.

ما هي فوائد المشاركة المجتمعية؟

أولاً: فوائد المشاركة المجتمعية من ناحية اجتماعية: 

  • تعزيز الثقة والشعور بالانتماء، لأن المشاركة تجعل الأفراد يشعرون بأنهم شركاء فاعلون في عملية التنمية، كما يمنحهم صوتًا مسموعًا وينتج بيئة أكثر تلاحمًا واستقرارًا بين أفراد المجتمع.
  • تُعرّف المجتمعات بمشاكلهم وتمنحهم الفرصة للاعتراف بها والبحث عن حلول خاصة بهم، كما تخلق لديهم الاستعداد النفسي لإحداث التغيير وتقبله لتحسين أوضاعهم.

ثانيًا: فوائد المشاركة المجتمعية من ناحية اقتصادية:

  • توجيه الموارد الاقتصادية نحو المشاريع الملائمة لاحتياجات المجتمع الحقيقية، ما يمنع الهدر ويزيد من فعالية الإنفاق التنموي.
  • استقطاب الأفكار وتحويلها إلى مشاريع ذات بصمة حقيقية وأثر اقتصادي فاعل، وتنمية رأس المال الاجتماعي من خلال خلق فرص عمل وتحريك عجلة الاقتصاد.

ثالثًا: فوائد المشاركة المجتمعية من ناحية مؤسساتية:

  • تعزيز الشفافية في المؤسسات والحكومات عبر تقديم معلومات دقيقة عن خططها ونتائجها، ما يعزّز الثقة ويزيد من تقديم الخدمات بفعالية.
  • تمكين الأفراد وإشراكهم في عملية صنع القرار والتخطيط والمتابعة، والتعامل معهم كشركاء حقيقيين في التغيير والتنمية وإحداث الأثر.

وفي مثال عالمي بارز يجسّد أهمية المشاركة المجتمعية وفوائدها، التجربة التي حدثت في مدينة بورتو أليغري بالبرازيل، وعُرفت بتجربة "الميزانية التشاركية" عام 1989، حين عرضت الحكومة المحلية على المواطنين – بما في ذلك الفئات المهمّشة – المشاركة مباشرة في تحديد أولويات إنفاق الميزانية البلدية.

وبناءً على ذلك، أُتيحت الفرصة لسكان الأحياء الفقيرة أولًا أن يشاركوا في تحديد الخدمات التي يحتاجونها، مثل شبكات المياه والصرف الصحي، مما عمّق شعور الانتماء والمشاركة. 

ومن الناحية الاقتصادية، فقد سُجّل تحسّن ملموس وحقيقي حين ارتفعت نسبة ربط المنازل بشبكات المياه/الصرف من حوالي 75٪ في 1988 إلى نحو 98٪ في 1997. 

كما أرست عملية المشاركة إطار عمل يربط بين المواطنين ومجلس المدينة في تحديد أولويات الإنفاق، ما عزّز الشفافية والمساءلة من الناحية المؤسساتية.

ما هي أهمية مشاركة المجتمع في التنمية؟

ترى مؤسسة منار أن المشاركة المجتمعية شريان حياة لجهود التنمية؛ فبفضل إشراك المجتمع في التخطيط والتنفيذ، تتعزز الثقة وتتوزع المنافع بشكل أكثر عدالة وكفاءة. حيث تعتبر المشاركة المجتمعية أداةً حيوية في إنجاح مشاريع التنمية، إذ تمنح الأفراد والمجموعات دورًا قياديًا في تحديد احتياجاتهم وتطوير حلولها.

كيف تحسّن المشاركة المجتمعية مخرجات التنمية؟

تساهم مشاركة الأفراد في صنع القرار في جعل مشاريع التنمية أكثر ملاءمةً لاحتياجات الواقع المحلي، إذ يتم تضمين أولويات المجتمع في المشاريع، مما يزيد من فرص نجاحها واستمراريتها. 

وبحسب الباحثين، فإن مشاركة المجتمع تُساعد في التحديد الأفضل للاحتياجات المحلية وزيادة كفاءة التنفيذ، إضافة إلى تعزيز الاستدامة والانسجام الاجتماعي وابتكار الحلول.

وأخيرًا، فإن بناء مجتمع يشارك في صنع مستقبله يتطلب إشراك جميع فئاته في صنع القرار التنموي، ودعم المبادرات التي تنبع من احتياجات الناس الحقيقية.

وتسعى مؤسسة منار من خلال برامجها إلى تحويل مفهوم المشاركة من مجرد فكرة إلى ممارسة حقيقية، تُسهم في بناء مجتمعات عربية قادرة على قيادة التغيير وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

فريق التحرير

مؤسسة منار للمشاركة المجتمعية
November 25, 2025
النشرة البريدية

اشترك بالنشرة البريدية

اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك أحدث المقالات، والفرص المجتمعية، والبرامج التفاعلية من مؤسسة منار.

Thanks for joining our newsletter.
Oops! Something went wrong while submitting the form.