كن جزءًا من الحكاية! شاركنا جلسات حكايا أثر، واستلهم من التجارب التي صنعت التغيير في عالمنا العربي.

المشاركة المجتمعية في المدارس: شراكة فعّالة لبناء تعليم مستدام

أهمية المشاركة المجتمعية في المدارس، وأبرز مهامها، بالإضافة إلى طرق تفعيلها والاستفادة منها، ودور الأسرة والمجتمع في دعم العملية التعليمية.

كتاب مفتوح محاط بأيقونات تعليمية ترمز إلى المشاركة المجتمعية وتعزيز الشراكة المجتمعية في التعليم عبر شراكات مجتمعية داعمة للتعلم والأنشطة المدرسية.

تُعد المشاركة المجتمعية أحد أسس التنمية المستدامة، إذ تعكس وعي الأفراد بدورهم في دعم مؤسسات المجتمع والمساهمة في تطويرها. وعندما تتكامل الجهود بين المدرسة والأسرة والمجتمع المحلي، تصبح المشاركة المجتمعية أداة فعّالة لمواجهة التحديات وتحقيق التقدم.

ومن هنا، تبرز أهمية المشاركة المجتمعية في المدارس باعتبارها من أكثر الشراكات المجتمعية تأثيرًا في حياة الأفراد والمجتمعات، فهي تعزز التعاون بين أطراف العملية التعليمية، وتربط المدرسة بمحيطها الاجتماعي، مما يسهم في رفع جودة التعليم وترسيخ ثقافة المسؤولية المشتركة نحو مستقبل أفضل.

في هذا المقال، نستعرض مفهوم المشاركة المجتمعية في المدارس، وسبل تفعيلها والاستفادة منها، ودورها في تحسين بيئة التعليم وجودته.

ما هي المشاركة المجتمعية في المدارس؟

المشاركة المجتمعية في المدارس هي عملية تعاونية منظمة تجمع بين المدرسة ومختلف عناصر المجتمع المحلي، بما في ذلك أولياء الأمور، والمؤسسات المحلية، والقطاع الخاص، والمتطوعون، وذلك بهدف دعم العملية التعليمية، وتحسين جودة التعليم، وتعزيز بيئة تعليمية صحية ومستدامة.

ووفقًا لمؤسسة منار، فهي ترى أن العمل التطوعي والشراكات المجتمعية تُشكّل ركائز رئيسية لتمكين المدارس ودعمها لخدمة مجتمعاتها محليًا، كما توفر موارد إضافية لتحسين النتائج التعليمية والاجتماعية للتلاميذ. وتساعد هذه المشاركة في جعل المدارس أكثر انفتاحًا على بيئتها المحلية، تستفيد وتُفيد في آنٍ واحد، ما يعزز الروابط بين المدرسة والمجتمع.

"ترى منار أن العمل التطوعي والشراكات المجتمعية تُشكّل ركائز رئيسية لتمكين المدارس ودعمها لخدمة مجتمعاتها محليًا، وتوفير موارد إضافية لتحسين النتائج التعليمية والاجتماعية."

كيف يمكن تفعيل الشراكة المجتمعية في المدارس؟

يتطلب تفعيل الشراكة المجتمعية في المدارس أمور عدّة منها:

1- تحديد احتياجات المدرسة والمجتمع وتقييمها، ويتم ذلك من خلال:

  • تحديد نقاط القوة والاحتياجات التعليمية والاجتماعية للطلاب.
  • تحديد الموارد المتاحة في المجتمع المحلي، مثل مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمتطوعين.

2- بناء شراكات واضحة مع المجتمع المحلي، ويتم ذلك من خلال:

  • تحديد الأطراف المشاركة (أولياء الأمور، مؤسسات المجتمع المدني، القطاع الخاص، والمتطوعين).
  • إشراك أولياء الأمور والمجتمع في التخطيط والتنفيذ، وتحديد مسؤوليات كل طرف لضمان فعالية الشراكة.
  • إنشاء اتفاقيات وبرامج تحدد الأهداف والأنشطة والمدة الزمنية، مع تنفيذ ورش عمل ونشاطات تعليمية. 
  • تطوير قنوات تواصل ومتابعة الأداء، مثل الاجتماعات الدورية والمنصات الرقمية.

3- عقد اتفاقيات مع المؤسسات المحلية، ويتم ذلك من خلال:

  • تحديد الشركاء المحليين (الجمعيات، والشركات، والمنظمات غير الحكومية، والمراكز التعليمية)، مع اختيار الشركاء القادرين على دعم أهداف المدرسة التعليمية والاجتماعية.
  • صياغة اتفاقيات رسمية وواضحة، محددة الأهداف والأدوار والمدة الزمنية، لضمان التزام جميع الأطراف وتحقيق نتائج ملموسة.
  • تنفيذ برامج وأنشطة مشتركة، وتنظيم ورش عمل ونشاطات اجتماعية، مع متابعة الأداء وقياس الأثر.

4- إشراك الطلاب أنفسهم في مبادرات مجتمعية تعزز التفاعل، وذلك من خلال:

  • تنفيذ مبادرات تطوعية أو مشاريع خدمة مجتمعية (أنشطة بيئية، حملات توعوية، تحسين مرافق المدرسة، أنشطة لا صفية)
  • تقييم ومتابعة الأثر.

5- نشر ثقافة التطوع: حيث تؤكد مؤسسة منار على أن نشر القيم (العطاء، المسؤولية، الشراكة) هو جزء أساسي من المشاركة المجتمعية.

مما سبق، نستنتج أن المشاركة المجتمعية في المدارس تعتمد على استراتيجية فعّالة وخطوات منهجية تبدأ بتقييم الاحتياجات، مرورًا ببناء الاتفاقيات وإشراك شركاء متعددين، وانتهاءً بقياس الأثر الحقيقي، وهكذا تتحول المدرسة إلى مركز قوة مجتمعي يرفع من فرص النجاح التعليمي والاجتماعي للطلاب.

"المشاركة المجتمعية في المدارس تعتمد على استراتيجية فعّالة وخطوات منهجية تبدأ بتقييم الاحتياجات، مرورًا ببناء الاتفاقيات وإشراك شركاء متعددين، وانتهاءً بقياس الأثر الحقيقي."

ما هي مهام المشاركة المجتمعية في المدارس؟ 

  1. دعم التحصيل الأكاديمي والأنشطة اللاصفية من خلال توفير متطوعين لدعم دروس تقوية، أو تنظيم رحلات تعليمية وغيرها.
  2. المساهمة في التمويل والموارد من خلال المساهمات المادية أو العينية من شركاء محليين لتحسين بنية المدرسة أو توفير لوازم تعليمية. 
  3. تعزيز الرفاه الاجتماعي والصحي عبر شراكات مع خدمات مخصصة لتقديم فحوصات واستشارات تغذية، وخدمات دعم نفسي عند الحاجة. 
  4. الربط بسوق العمل والتدريب المهني عبر التعاون مع مؤسسات وشركات لتقديم التوجيه والتدريب والإرشاد للطلبة.
  5. المساهمة في صنع القرار، من خلال إشراك أولياء الأمور وممثلين من المجتمع في مجالس أو لجان لصياغة سياسات مدرسية قابلة للتطبيق.
  6. تعزيز التواصل بين المدرسة والمجتمع، وتعزيز فكرة أن المدرسة ليست للطلبة فقط بل مكانًا للجميع.

كيف يظهر دور الأسرة والمجتمع في التعليم؟

باعتبار الأسرة الشريك الأول في العملية التعليمية، فإن تكامل الجهود بين المنزل والمدرسة يدعم بناء بيئة تعليمية شاملة ومتكاملة، إذ تؤثر متابعة الأسرة المستمرة ودعمها العاطفي والأكاديمي في تحفيز الطالب على التعلم والالتزام. أما المجتمع المحلي، فيسهم من جانبه في توفير الموارد والخبرات والفرص التي تعزز جودة التعليم، مثل تنظيم أنشطة توعوية، وبرامج تدريبية، ومبادرات تطوعية داخل المدارس.

"تكامل الجهود بين المنزل والمدرسة يدعم بناء بيئة تعليمية شاملة ومتكاملة، أما المجتمع المحلي، فيسهم من جانبه في توفير الموارد والخبرات والفرص التي تعزز جودة التعليم."

ويمكن تعزيز دور الأسرة بشكل أكثر وضوحًا من خلال:

  • متابعة الأبناء: حضور اجتماعات أولياء الأمور، متابعة الواجبات، دعم الطالب في المنزل.
  • المشاركة الفعلية: الاعتبارات يمكن أن تكون التطوع في المدرسة، الحضور في الأنشطة، تقديم اقتراحات تعزّز المشاركة.
  • التواصل مع المدرسة: مشاركة الملاحظات، التعاون مع المعلمين، دعم مبادرات المدرسة.

أما عن دور المجتمع، فيظهر من خلال:

  • توفير الشراكات لتقديم الدعم المباشر (مادي، بشري).
  • المشاركة في مبادرات تطوعية أو تقديم خدمات مرافقة للمدرسة
  • تبنّي ثقافة المشاركة والمسؤولية المجتمعية.
  • الربط بين المدرسة وسوق العمل أو الكليات أو التدريب المهني، مما يوسّع أفق المدرسة لطلابها.

وتشير الدراسات إلى أن إشراك الأسرة والمجتمع في التعليم يُحسن من التحصيل الدراسي، ويعزز الانتماء المدرسي، ويقلل من نسب التسرب. كما أنه يرسخ مبدأ الشراكة المجتمعية في التعليم، التي تُعدّ أساسًا لتنشئة جيلٍ واعٍ ومسؤول يسهم في تنمية مجتمعه على المدى البعيد.

"تشير الدراسات إلى أن إشراك الأسرة والمجتمع في التعليم يُحسن من التحصيل الدراسي، ويعزز الانتماء المدرسي، ويقلل من نسب التسرب."

أمثلة على أنشطة المشاركة المجتمعية:

  • برامج الإرشاد التي تربط الطلاب بالمتخصصين المحليين.
  • برامج تطوعية للدروس الخصوصية والتدريب والمساعدة في الفصول الدراسية مع أعضاء المجتمع.
  • مشاريع تنظيف المجتمع التي تشمل الطلاب والمتطوعين المحليين.
  • منسقو العلاقات العائلية الذين يعملون على بناء الثقة والعلاقات القوية مع العائلات لمعالجة قضايا مثل الغياب المزمن.
  • الشراكات بين المدارس وخدمات الأطفال والأسر المحلية لتوفير الدعم المنسق للطلاب والأسر. 

ما هو أثر المشاركة المجتمعية في المدارس؟

  • تحسين التحصيل الأكاديمي: وجدت الدراسات أن مدارس تعمل في إطار الشراكة المجتمعية تُظهر تحسّناً ملحوظاً في الأداء الدراسي والنتائج الأكاديمية مقارنة بالمدارس التقليدية التي تفتقر لهذه الشراكة. 
  • رفع مستوى الحضور والانخراط المدرسي: تشير الأبحاث إلى أن المشاركة المجتمعية تُعزّز شعور الطالب بالانتماء والالتزام بالمدرسة.
  • دعم بيئة مدرسية أكثر شمولاً واستدامة: من خلال وجود علاقات متينة بين المدرسة والمجتمع، تتوفّر موارد إضافية (معنوية ومادية) تُستخدم في تحسين مرافق المدرسة، الأنشطة اللاصفية، والتدريب المهني للمعلمين، ما يُسهم في رفع جودة التعليم. 
  • تعزيز القيم والمواطنة لدى الطلبة، وتطوير وعي الطلاب بدورهم في المجتمع، بالإضافة إلى زيادة مشاركتهم في المبادرات المجتمعية.

في الختام، تؤمن منار أن المشاركة المجتمعية في المدارس ركيزة أساسية لتطوير التعليم وتحقيق تنمية مستدامة في المجتمعات، كما يتكامل مع أهداف المشاركة المجتمعية ككل، فهي لا تقتصر على دعم المدرسة ماديًا أو معنويًا، بل تمثل شراكة حقيقية تعزز الوعي والمسؤولية المشتركة بين الأسرة، والمؤسسات، والأفراد. 

إن بناء جسور الثقة والتعاون بين المدرسة ومحيطها الاجتماعي هو الخطوة الأولى نحو تعليمٍ أكثر شمولًا وجودة، يُمكّن الأجيال من الإسهام الفعّال في نهضة مجتمعاتهم.

فريق التحرير

مؤسسة منار للمشاركة المجتمعية
December 16, 2025
النشرة البريدية

اشترك بالنشرة البريدية

اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك أحدث المقالات، والفرص المجتمعية، والبرامج التفاعلية من مؤسسة منار.

Thanks for joining our newsletter.
Oops! Something went wrong while submitting the form.